Tourette-Syndrome متلازمة توريت

10/08/2013 09:59

متلازمة توريت

متلازمة توريت Tourette-Syndrome   عبارة عن مرض نفسي عصبي يتصف  يتشنج أو رجفان عضلي شبيه بالعرة و تعابير لفظية غير مألوفة.

وقد تم وصف هذه المعاناة الملفتة للنظر والمرهقة للمريض ومحيطة قبل حوالي 180 سنة من الطبيب الفرنسي George Gilles de la Tourette . و على الرغم من أن عدد لا بأس به من الكتاب و الأدباء و الموسيقيين والرياضيين..الخ، ومنهم مشهورين جداً يعاني من هذا المرض، على الأقل بدرجات طفيفة، إلا أن هذه الصورة المرضية ما زالت غير معروفة كثيراً. هذا على الرغم من أن مئات الآلاف من الأشخاص يعانون منها.

و على الرغم من أنه لا يوجد اليوم علاج هادف لها إلا أنه توجد مجموعة من الإجراءات التخفيفية.

 

الصورة المرضية

يتعلق الأمر في العرة Tic  بتشنج أو رجفان عضلي سريع ولا إرادي و غير قابل للتصحيح و تعابير لفظية بتكرار و نوعية و أماكن مختلفة. ويمكن لصورة المرضية أن تزداد أو تتناقص، وأن تختفي أحياناً لأسابيع أو أشهر و تعود للظهور بشكل غير متوقع، وتتقوى بشكل خاص من خلال التوترات المزاجية، كالفرح و الغضب والإرهاق.

 

العرات في إطار متلازمة توريت

العرات البسيطة: - حركياً: الرمش بالعيون، سجع الرأس، سجع الكتفين،Grimassieiren...الخ

  • لفظياً: الصرصرة، النخير، الاستنشاق، طرقعة اللسان

العرات المركبة:   - حركياً: القفز، لمس أشخاص آخرين أو أشياء، شم، لي الجسم، وأحياناً سلوك

                       مؤذ للذات، من نحو ضرب الذات، المزع، طرق الرأس..الخ.

  • لفظياً: قذف الكلمات بجمل قصيرة، ليست على علاقة بموضوع الحديث؛ 

                         قذف كلمات لا معنى لها أو قذرة، أو  كافرة blaspheme..الخ، وتكرار     

                         أصوات أو مقاطع الكلمات التي تم سماعها الآن (مصادأة Echolalia  )،  

                         أو إعادة الكلمات  التي ينطق نطق بها الآن الشخص نفسه (Palilalia)   

 

كما يعرف تشنج عضلات الوجه، وهو عرض جزئي من متلازمة توريت تحت اسم Brissaud- Syndrom .

ويمكننا تصور عواقب مثل هذا السلوك غير المألوف: الاستغراب، و الدهشة، و الغضب والخيبة و من ثم العزلة أو الاستجابة العدوانية. فليس هناك من إنسان يتفهم هذا السلوك الشاذ، وبشكل خاص لا يمكن لأي إنسان أن يعتقد بأن التعابير اللفظية "المقيتة" بشكل خاص تظهر بشكل لا إرادي، ولا يمكن السيطرة عليها أبداً. وتزداد صعوبة هذا الموقف من خلال خبرة أن غالبية المعنيين يستطيعون بالفعل ممارسة بعض السيطرة على أعراضهم، أي أنه يمكن للمعني أن يظل لثوان أو دقائق أو حتى لساعات غير ملفت للنظر، "إذا ما بذل جهده". إلا أنه في الواقع ومن خلال هذه السيطرة الإرادية يتراكم "ضغط للعرة" مما يقود في النهاية إلى "تفريغ شديد للعرة" كما هو الحال في كبح الحاجة للعطس أو للبلع على سبيل المثال. ففي العمل أو المدرسة على سبيل المثال قد لا يحدث شيئاً، و مجرد أنم يعود الإنسان للبيت تنفجر العرة بشكل كبير. ولكن في الواقف المشحونة بالإرهاق يفقد الشخص السيطرة على عرته.

 

الصورة المرضية الإضافية

إلى جانب التشنج وة أو

 أو الرجفان العضلي و التعابير اللفظية يعاني بعض مرضى توريت من أعراض إضافية، و بشكل خاص على شكل اضطرابات قهرية أو متلازمة قصور في الانتباه أو متلازمة فرط النشاط أو كلها معاً.

  • أنماط السلوك القسرية: تكرار اللمس للأشخاص أو الأشياء، الترتيب أو التنظيم المتسق، التأكد المستمر (إقفال الأبواب، إغلاق الفرن) إعادة بعض الأمور مرات ومرات، إلى أن "يضبط" الأمر في النهاية، و حتى الجمل التي ينبغي أن يكون "وقعها" صحيحاً.
  • فرط النشاط الحركي  عدم الهدوء، التململ، الاندفاع، واللخمة و الضغط المتزايد للكلام، التدخل في كل شيء، لايستطيع الانتظار أبداً...الخ. و هذا ينطبق على الأطفال والكبار سواء.
  • اضطرابات الانتباه: سهولة التشتت، لا يستطيع التركيز بشكل جيد، ينسى بسرعة، يرتكب أخطاء بسبب الإهمال، لا يستطيع التحمل..الخ (وقد تستمر هذه الصورة المرضية حتى سن الرشد).
  • اضطرابات تعلم: صعوبات في القراءة، وفي الكتابة و الحساب، وبشكل خاص أخطاء ناجمة عن الإهمال، جمل غير كاملة، خط سيء..الخ.
  • أعراض متنوعة: فقدان سريع للثقة، خواف، يأس، اكتئاب، الميل للانسحاب، خطر العزلة، ميل انتحاري. وكذلك اضطرابات نوم، استيقاظ متكرر في الليل، وأحياناً الكلام أثناء النوم، سير أثناء النوم.

 

الأسباب

ما زال السبب أو الأسباب غير معروفة, فقد سادت في السابق النظريات النفسية وبشكل خاص التحليلية النفسية أما اليوم فتسود رؤى أقرب للبيولوجية. و من بينها رؤى حول اضطرابات في استقلاب النواقل العصبية في الدماغ، أي بعض النواقل كالسيروتونين و بشكل خاص الدوبامين. و يعاني الجنس الذكوري أكثر من الجنس الأنثوي بنسبة تبلغ بين الثلاثة إلى الأربعة أضعاف. ويحتمل وجود عامل وراثي (استعداد جيني) إلا أنه لاتوجد أشكال منقولة بالوراثة.

 

المجرى

غالباً ما يبدأ الاضطراب في سن اليفوع أو الطفولة. وفي كل الأحوال قبل سن 21. و غالباً ما يوجد في البداية عرة في الوجه، من نحو رمش العيون، تغميض العيون شد عضلات الفم، الفتح المفاجئ للفم، لي الأنف، وكذلك ارتجاف عضلات اليدين (ثني مفاجئ متناظر)..الخ. و أحياناً أيضاً تعابير غير إرادية  و والنحنحة والشم...وما يشبه ذلك. و في الحالات النادرة يظهر الشد العضلي مع التعابير اللفظية مع بعضهما في وقت مبكر.

و تتراجع الصورة المرضية لدى بعض المعنيين في سن اليفوع وسن الرشد المبكر. وغالبية البشر يتحسنون في مجرى النمو أكثر مما تسوء حالتهم. و من الممكن أن يتم الشفاء الكامل والنهائي. و لا تتأثر توقعات الحياة بهذا الاضطراب، فأول حالة وصفها توريت بلغت 86 سنة.

 

العلاج

لا يوجد حتى الآن علاج هادف (وهو أصلاً ليس ضرورياً في الحالات البسيطة التي هي غالبة بالأصل). ولكن إذا ما أصبحت العرة مزعجة للشخص و ذات عواقب وخيمة فيمكن المحاولة بالعلاج الدوائي. فإذا ما تعلق الأمر بمتلازمة فرط الحركة فيمكن المحاولة بالميثيلفينيدات Methylphenidat ، و البيمولين Pemolin وغيرها (ولكن يمكن  لهذه الأدوية) أن تزيد من العرة. وإذا لا غلبت الأعراض القهرية فإنه ينصح بمضادات الاكتئاب، من نحو كابحات إعادة قبض السيروتونين ٍSSRI. أما الجرعة النهائية فتتعلق بالأعراض الجانبية.

أما في العلاج غير الدوائي فتساعد أساليب الاسترخاء و تقنيات التغذية الراجعة و الإجراءات العلاجية السلوكية. والهدف هنا تخفيض استجابات الإرهاق، لأنها تثير العرات أو تقويها. كما يمكن  من خلال ضبط الذات محاولة تخفيض العرات وبشكل خاص المزعجة منها و ذلك باستبدالها بأقل إزعاجاً، بهدف التخفيض من ضغط العرة ومن أجل تحقيق التفريغ بشكل مقبول اجتماعياً للعرة.

وأخيراً يمكن مناقشة إجراءات علاجية نفسية للمريض وأسرته، على الأغلب بطريقة داعمة.

والمهم هو شرح الأمر للمعارف و الجيران والمعلمين و زملاء المدرسة...الخ. فهؤلاء يمكنهم تقديم مساعدة تمنع المعني من الوقوع في فخ الحلقة المفرغة الاجتماعية النفسية. ومنها على سبيل المثال السماح للتلميذ بمغادرة غرفة الصف مباشرة عندما تتراكم العرة بشكل يصعب مقاومتة وتصبح مهددة بالتفريغ المزعج؛ أو السماح مثلاً بإجراء الامتحانات في غرفة مستقلة (الإرهاق الانفعالي)؛ وكذلك الدعم الخاص في حال وجود صعوبات تعلم. فعلى الرغم من أن هذا الاضطراب لا يلحق الأذى بالقدرات العقلية، إلا أن صعوبات التعلم و الأضرار المباشرة يمكن أن تكون شديدة إلى درجة أنها تسبب الضرر في الإنجاز المدرسي والمهني.

غير أن العواقب البين إنسانية الأسوأ –على الأغلب في الحالات الشديدة- تتمثل في السخرية و الهزء و الضيق والإزعاج والصد والرفض من خلال الوصمة و العزلة و الانسحاب. و في البيت الإرهاقات الشديدة من الوالدين والأخوة. كما أن بعض الأطفال يحاولون استغلال أعراضهم من أجل تحقيق بعض المكاسب، مما قد يمتد ليصل للابتزاز.

لهذا ينبغي التعرف في وقت مبكر قدر الإمكان على متلازمة توريت و محاولة علاجها بالتعاون مع الطبيب النفسي المتخصص بالأطفال واليافعين وأطباء الأطفال و أطباء العصبية.                         

 

        

 

للخلف